الرئيسية > اخبار وتقارير > بعد انحساره بالعراق وسوريا.. هل تنتقل الحرب على "داعش" لليمن؟

بعد انحساره بالعراق وسوريا.. هل تنتقل الحرب على "داعش" لليمن؟

مع استمرار الحرب في اليمن منذ أكثر من عامين ونصف العام، تواصل الطائرات الأمريكية من دون طيار بين الحين وآخر، شن غاراتٍ على مواقع تقول إنها لتنظيمي "داعش" و"القاعدة" في محافظات مختلفة بالبلاد.

فمع بدء مرحلة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، زادت العمليات الأمريكية ضد التنظيمين، وسط اليمن وجنوبه وشرقه، وفي مساحة جغرافية تتلاقى فيها عدة محافظات مع البيضاء (جنوب شرق) التي أخذت نصيب الأسد من هذه الغارات.

ومؤخراً زادت عمليات الإدارة الأمريكية في اليمن، بحثاً عن عناصر تُحسب على التنظيمات الإرهابية، ما أثار مخاوف من احتمال تحول الانتباه الدولي في الحرب على "داعش" من العراق وسوريا إلى اليمن.

المخاوف ازدادت من أن يؤدي اليمن دوراً أكبر في سياسة استقطاب عناصر التنظيم من العراق وسوريا وليبيا ومناطق أخرى إلى محافظات البلاد المنقسمة بين مليشيا "الحوثي وصالح" من جهة، والقوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.

-الإرهاب ملف سياسي

الكاتب والباحث في شؤون الجماعات نبيل البكيري، ينظر إلى "داعش" باعتباره صورة كاريكاتورية تُصنع وتُروج إعلامياً كـ"ماركة للإرهاب".

ويضيف البكيري في تصريح خاص لـ"الخليج أونلاين" أن الحملات المنظمة للترويج لتنظيم الدولة يتم تصديقها، وتتحول إلى رأي عام مؤمن بوجود "داعش" كحقيقة لا تقبل الجدل والنقاش.

ويرى أن ملف الإرهاب في الحالة اليمنية -التي تم تقديمها مبكراً كحاضنة للقاعدة- سياسي غير أمني. وبحسب المؤشرات فقد تم استخدامه في كثير من القضايا السياسية بتوظيف الإرهاب لضرب خصوم السياسة.

ولفترة طويلة ظل الكثير من المحللين والمتابعين للشأن اليمني والرأي العام المحلي يربطون التنظيمات المتطرفة بنظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، باعتبارها ورقة سياسية تُحرك وفق أجندة يرسمها الأخير.

وحتى بعد أن تبنّت تلك التنظيمات بطريقة أو بأخرى عدة عمليات إرهابية في البلاد، فإن التطورات في ملف محاربة الإرهاب بالمنطقة بدأت تنعكس على اليمن، وتثير مخاوف من تحول أعقد بيئة جغرافية إلى مرتع ومستقر للإرهاب.

البكيري اعتبر أن الانقلاب (الذي نفذه الحوثيون) والمشروع الإيراني الداعم له هما أكبر المستفيدين ممَّا سماه "تصفية الحسابات السياسية" التي يتم خلالها استخدام ورقة "داعش"، بعد إجراء مشابه مع "القاعدة" من قبل.

وتابع البكيري قائلاً: "هذا لا يعني بأي حال عدم وجود إرهابيين، فلا أحد ينكر ذلك، وإنما يتم توظيف هؤلاء في إطار لعبة الإرهاب".

الطائرة الأمريكية دون طيار كانت قتلت قائد "القاعدة" في اليمن، ناصر الوحيشي، المنتمي لمحافظة أبين (جنوب شرق) الحدودية مع البيضاء، والذي كان من المقربين لزعيم التنظيم السابق أسامة بن لادن.

وكان الوحيشي قد سُجن في "الأمن السياسي" بصنعاء، وفرّ في ظروف غامضة عام 2006، قبل أن يخلفه قاسم الريمي بعد إعلان مقتله.

ويتخذ "القاعدة" في جزيرة العرب، أحد فروع التنظيم الذي تصنفه الأمم المتحدة وعديد من الدول "منظمة إرهابية"، من اليمن مركزاً لعملياته المسلحة، وقد ظهر إلى الوجود في تسعينيات القرن الماضي.

وتركزت عمليات التنظيم مطلع العام الجاري في محافظة أبين.

- استهداف السُّنة

البكيري أشار إلى أن تركز الضربات الجوية والعمليات العسكرية في محافظة البيضاء، والسعي لتحويلها إلى ميدان للمعركة مع "داعش" فيه استهداف لمناطق العمق السنّي المقاوم لـ"المشروع الطائفي الانقلابي".

ويوضح الكاتب والباحث في شؤون الجماعات قائلاً: "هذا يعني أيضاً تكرار السيناريو نفسه الذي حدث في الموصل (شمال العراق) وحلب (شمال سوريا) وغيرها، حيث العمق السني المقاوم للمشروع الإيراني".

وفي 25 أكتوبر الماضي قتلت غارتان نفذتهما طائرة أمريكية دون طيار قرابة 13 يُشتبه بأنهم أعضاء في تنظيم القاعدة بمحافظة البيضاء.

وكان تنظيم "داعش" قد تبنى عمليات إرهابية؛ أبرزها تلك التي كانت ذات طابع عقائدي، وبدأت في 21 مارس سنة 2015 بمسجدين بصنعاء غالبية المصلين فيهما ينتمون لمليشيا الحوثي، كما استهدف التنظيم نهاية العام نفسه محافظ عدن، جعفر محمد سعد، إضافة إلى تبنيه عمليات دامية ضد مجندين بمعسكراتهم في عدن، وإعدامات في محافظات أخرى.

-قرب ميلاد داعش باليمن

الصحافي اليمني سعيد شمسان يرجح احتمال أن تتحول اليمن إلى ساحة لاستقطاب عناصر تنظيمات إرهابية من دول الجوار، "كحاجة تفرضها سياسة الدول الكبرى والتطورات في المنطقة".

وأضاف شمسان، في تصريح خاص لـ"الخليج أونلاين"، أن سياسة تفتيت الشرق الأوسط وإعادة تقسيم المنطقة وتوزيع الأدوار فيها بما يخدم الأهداف الغربية مستمرة، مشيراً إلى أن الدول الكبرى تستخدم في هذا الشأن التنظيمات الإرهابية، كذريعة للتغيير الجيوسياسي والديموغرافي.

ويتابع: "في اليمن يبدو هذا الأمر وارداً بقوة بعد قرابة سنتين وثمانية أشهر من العمليات العسكرية التي تقودها قوات التحالف العربي (بقيادة السعودية)، ولم تحقق بعد الأهداف المعلنة بإعادة الشرعية".

ومن هذا الواقع يقول شمسان: "إن حاجة تنظيم داعش ومموليه في إيجاد وِجهة جديدة له باتت مكشوفة، بعد تجفيف منابعه في معظم الدول العربية ومنها العراق وسوريا، والبديل المرشح بقوة هنا هو اليمن".

وأعلنت بغداد الجمعة (17 نوفمبر) استعادة قضاء "راوة" بمحافظة الأنبار، غربي البلاد، من قبضة تنظيم الدولة الذي دخل إلى العراق سنة 2014، معلنة بذلك خسارة "داعش" آخر موطئ قدم له في البلاد، بعد عمليات استمرت أشهراً.

وبالنظر إلى المنطقة الجغرافية التي شهدت أكثر من عملية أمريكية فهي البيضاء والمناطق المجاورة لها، وهي ذاتها المناطق التي تغلغل فيها تنظيم "القاعدة" وأسس معسكرات تدريبية له وظل لسنوات نشطاً فيها.

وبرأي شمسان فإن التهيئة الذهنية لاستدعاء "داعش" خلفاً لـ"القاعدة" قد تمت، وأصبحت مرحلة الانتقال من القاعدة إلى داعش في اليمن مسألة مسَلَّماً بها.

وبينما ترجح رؤية البعض قرب ميلاد رسمي لداعش في اليمن، يشكك آخرون بوجوده معتمدين على تحليل طبيعة العمليات التي ينفذها، وهي في مجملها تتم في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية.

وكذلك فإن التسويق للملف الإرهابي في المحافل الدولية نتيجة لعجز القوات الحكومية عن فرض السيطرة الكاملة على المناطق التي انتزعتها من الانقلابيين، يعني ضمنياً التهيئة لتدخل أمريكي وخارجي أكبر بذريعة محاربة "داعش"، ومن ثم فرض واقع جديد قد يسمح بتنفيذ أجندات غربية في اليمن، وفق محللين.