الأرشيف

إستراتيجية السعودية اتجاه مستقبل اليمن والخليج !

الأرشيف
الاثنين ، ١٧ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ٠٥:٢١ مساءً

راكان عبدالباسط الجُــبَيحي


تتعدد الرؤى، وتتنوع أدبيات تصور المشهد، وتختلف وجهات النظر لدى المقاومة الشعبية وقوات التحالف والسعودية على وجه الخصوص.. كل على حسب معطياته الأولوية، ودلالاته الواضحة، وطبيعته الأمنية، وعمق تفكيره الإستراتيجي اتجاه مستقبل اليمن والمنطقة عمومًا.
ترى السعودية من منظورها الإستراتيجي.. أن دعم المقاومة الشعبية على الأرض من جانب عسكري ثقيل ومتعدد سيشكل تهديدا في المستقبل ، وردة فعل غير مُرضية للجميع .. وسيحمل سلبيات متفاقمة فيما بعد انتهاء الحرب في اليمن.. وهو وارد بالفعل. وللسعودية تداعياتها الأمنية والإستراتيجية في المستقبل.
لا يعني ذلك أن قوات التحالف والسعودية خصوصًا تتجاهل أو تغض الطرف عن احتياجات ومتطلبات المقاومة الشعبية والجيش الوطني في سبيل تحرير البلاد من ميليشيا الحوثي وصالح.. من دعم مالي ولوجيستي وعسكري بنسبة ضئيلة ، وإسناد جوي عبر غارات تشنها قوات التحالف.. على مواقع وتجمعات لميليشيا الحوثي وصالح.. لكي تخفف من متاعب المقاومة ، وتقلل من مخاطرها في حال تم التقدم والحسم الحتمي الذي لاح في الأفق.
قادة المقاومة في البلاد وخاصة تعز تتفهم ردة فعل السعودية من تلك المحاور ، وترددهم في تقديم الدعم العسكري المطلوب الذي يعمل على حسم المعركة بأقرب وقت وبأقل تكلفة.. مع ارتياحها لبعض تلك المفاهيم ، وفضلها الملحوظ في تلبية التحالف لمطالبها في قصف مواقع مهمة للميليشيا.. تعمل على تسهيل مهمة المقاومة في خطواتها ، وتقدمها في أكثر من موقع.
أمر حسم المعركة على مستوى مدينة تعز يعتبر تحت راية المقاومة، وهي من ستحدد موعد النصر.. وبحسب المعطيات الأولية التي تشير إلى وجود تقدم، وسيطرة شبه كاملة لمصلحة المقاومة الشعبية.. وتكبد ميليشيا الحوثي وصالح لخسائر فادحة.. إلا أنها أخرت أمر الحسم. لدافع ذي طابع أمني وإستراتيجي.. ويتم العمل والترتيب على صياغة رؤية سياسية لما بعد الحسم.. بحيث لا يكون هناك أي تداخل مزدوج ، أو شروخ على حائط المدينة أو تخلخل في الأمن.. حتى لا تتكرر الأعمال التي حدثت في المدينة قبيل 2011.
المقاومة الشعبية على الأرض تخوض معارك شرسة ضد ميليشيا الحوثي وصالح في بعض مدن البلاد وخاصة تعز.. يعقبها انتصارات. وتقدم في بعض الجبهات.. وسط استنزاف كبير لمقومات المعركة ، وافتقاد لأساسيات الحسم العسكري.. والسعودية تدرك ذلك جيداً.. وتقدم الدعم اللازم الذي يخدم مصالح الجميع.. إلا أنها تعطي أولوياتها باتجاه المراحل القادمة.. وتنصب ثقل أنظارها نحو أعتاب المستقبل.. وما سيحمله من تداعيات عكسية في هذا الشأن الذي خصب بالخريف اليمني.
لا شك أن السعودية أدركت حتمًا أنها أمام مراحل متعددة مصيرية في مستقبل أحداث اليمن.. وأخذت كل شيء بعين الاعتبار، ودرست الوضع جيداً. وعليها أن تكرس دورها في لملمة الوضع ، وتركز دعمها لصالح المقاومة في تعز وغيرها. ولو بنسبة ضئيلة.. وتفتح آفاقا جديدة للمراحل القادمة لما ستحمله من تطورات مفصلية في المشهد الراهن.
على قوات التحالف والسعودية بوجه خاص أن تُقيم العمل الذي تقوم به المقاومة بتعز في ظل افتقار لأساسيات الحرب. مع استشعارهم الكبير لما تنظر إليه دول الخليج اتجاه مطالبهم العسكرية الكبيرة. ولما قد يترتب على ذلك من انعكاسات سلبية في المستقبل.
ولكي يكون هناك ضمانات مستقبلية تصب في صالح الجميع.. يقع على عاتق السعودية بكونها الداعم السابق والحاضر والمستقبل لليمن.. أن تضع خطوات متوازنة ، وتدرس خيارات إستراتيجية جوهرية لما بعد الحسم.. وتعمل على إزالة تحديات الحياة المعيشية ، وتسد ثغرات الصراع والحروب العبثية الطائفية التي كانت سببًا في تدمير البلاد ، وتطبيع الأمن والاستقرار ، وإعادة ترتيب الأوراق السياسية والاقتصادية والعسكرية بالشكل الذي يلبي تطلعات الشعب.. الشعب الذي كان مقدرا له العيش في جو مملوء بالعنف والصراع والاضطربات المتنوعة طيلة السنوات الماضية.. فهل سيكتب له العيش بأمن وسلام واستقرار دائم.. ويعوض عن سنوات الغليان.. أم سيعاود الالتحاق بالركب. والعودة إلى ما وراء البؤس ، والشقاء ، والاحتقان ؟!!

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)