الرئيسية > اخبار وتقارير > الحرس الثوري وانتخابات الرئاسة.. مناورات لإحكام السيطرة والنفوذ

الحرس الثوري وانتخابات الرئاسة.. مناورات لإحكام السيطرة والنفوذ

تزداد حدّة التنافس بين التيارات الإيرانية المختلفة كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية، ويبلغ الصراع أشدّه بين التيارين الرئيسين؛ المتشدد والمعتدل.

وفي ظل خلوّ ساحة المعتدلين من منافس قوي، وسط اتهامات عديدة طالت الحكومة الحالية بملفات فساد، وفشل في تطبيق البرنامج الانتخابي الذي وعد به الرئيس الإيراني الحالي، حسن روحاني، يتحرّك النفوذ الاقتصادي والعسكري الأقوى في البلاد، متمثلاً في "الحرس الثوري"، أملاً في إحكام سيطرته على الداخل.

تردّي الحالة الصحية للمرشد الإيراني علي خامنئي، ووفاة الرئيس الإيراني السابق، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، من العوامل التي أفسحت الطريق أمام الحرس الثوري لإطلاق أذرعه، ودعم مرشّحه في انتخابات الرئاسة المزمع انطلاقها في مايو/أيار المقبل.

وبوفاة رفسنجاني، يُسدل الستار على أحد القيادات الإيرانية ذات النفوذ الأقوى بوجه الحرس الثوري، فقد كانت تصريحاته لاذعة، حيث طالب أكثر من مرة الحرس الثوري بالتزام الحياد في القضايا الخلافية داخل البلاد، مؤكداً ضرورة عدم تدخّل العسكر أبداً في الشأن الداخلي.

وسبق أن انتقد رفسنجاني توسّع المصالح الاقتصادية للحرس الثوري، الذي امتدّ عبر قطاعات النفط والغاز والاتصالات والإنشاءات، فضلاً عن انتقاده دور "الحرس" في قمع الاحتجاجات بعد الانتخابات الرئاسية المتنازع على نتائجها عام 2009، وموقفه الرافض لبرنامج الصواريخ الإيرانية، الذي يشرف الحرس الثوري عليه.

توقعات توسع النفوذ

نفوذ الحرس الثوري، التي يُتوقع زيادتها في الفترة القادمة، بعثت بالريبة لدى الدوائر القريبة من صنع القرار الإيراني الحالي في حكومة روحاني، التي أشارت إلى أن نفوذه سيقود البلاد نحو مزيد من التشدد والانعزالية لسنوات مقبلة، بالإضافة إلى تمكّنه من أداء دورٍ محوريٍ في تحديد الزعيم الأعلى خلال الفترة المقبلة؛ عبر توجيه أعضاء مجلس الخبراء لاختيار مرشح أكثر تقارباً وتعاطفاً مع مصالحهم.

وفي حال وفاة خامنئي، سيعقد مجلس الخبراء، المؤلف من 88 عضواً، جلسة مغلقة لاختيار مرشح قبل إجراء التصويت النهائي، وهو ما يعزّز من فرص تدخّل الحرس الثوري بدور مهم ومحوري في اختيار المرشد الأعلى باستخدام نفوذه بين الأعضاء، بحسب مراقبين.

الخبير المصري بالشأن الإيراني، محمد محسن أبو النور، أكد في تصريح خاص لـ "الخليج أونلاين"، أن "الحرس الثوري له وجود واضح وعلني، عزّز من هذا الوجود نفوذه في الاقتصاد الإيراني، ومن ثم سيكون له مرشّح في الانتخابات الرئاسية، وسيقوم بدعمه بالكامل".

وتخشى الحكومة الحالية أن يعكس نفوذ الحرس الثوري وعزمه على تطويق المجتمع وتوجيهه نحو مزيد من التشدد والانعزال، في تغيّر موقف المجتمع الدولي، وخاصةً الاتحاد الأوروبي، بعدما لمسوا سياسة انفتاحية يقودها الرئيس روحاني، خاصةً أن موقف الحرس الرافض للاتفاق النووي والتدرّج في رفع العقوبات، أحد أسباب الخلاف مع حكومة روحاني.

الباحث الإيراني، عبد السلام سلامي، قال إن الصراع بين التيارين المعتدل والمتشدد "سيبلغ مداه إن تصدّر الحرس الثوري في قيادة الحملة الانتخابية لمرشّحه الرئاسي".

ولكون الحرس الثوري معروفاً بزيّه العسكري، أشار سلامي، في تصريح خاص لـ "الخليج أونلاين"، إلى صعوبة تصدّره المشهد بشكل مباشر في الانتخابات الإيرانية، "ومن ثم فهذا يقلل من فرص نجاح مرشحه"، مرجحاً ألا يعتمد الحرس الثوري على مرشّح واحد، مستشهداً بموقفه في الانتخابات الماضية.

وسُمح للحرس الثوري بالدخول في الاقتصاد والاستثمار بإيران، في ثمانينيات القرن الماضي، بعد الحرب العراقية الإيرانية، وبفوز الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، زاد "الحرس" من توغّله، فأصبح صاحب النفوذ الأقوى في كثير من القطاعات الاقتصادية بالدولة.

"صلافة" نجاد تعود للواجهة

وثمة ترجيحات من الداخل الإيراني تشير إلى عودة الرئيس السابق "نجاد" إلى الساحة السياسية مجدداً، ما يطرح فكرة ترشّحه مرة أخرى، وفق ما نشرته مجلة السياسة الدولية "فورين أفيرز" الأمريكية، في يونيو/حزيران 2016، وهو إرباك حدث على الصعيد السياسي الداخلي، وترقّبه الجميع بصمت، بحسب المجلة، إلى أن حسمه خامنئي بإبعاده عن المضمار الانتخابي؛ باعتبار أن الظرف الراهن غير مناسب لترشحه لمنصب الرئاسة.

والمساحة التي يتحرّك فيها الرئيس الإيراني في السياسة الخارجية لبلاده محدودة، وهو ما يُلقي بظلال حول عدم تغير المشهد كثيراً حال وصول أي من المرشحين، إذ يُعتقد أن خامنئي هو المحرك الرئيس للسياسة الخارجية، وهو من أعطى روحاني الضوء الأخضر لاستكمال المفاوضات النووية، وإنهائها، حسب رؤيته.

ومجلس صيانة الدستور هو أعلى هيئة تحكيم في إيران، يتكون من 12 عضواً؛ 6 أعضاء فقهاء دينيون يعيّنهم المرشد الأعلى للثورة، أما الستة الباقون فيكونون من الحقوقيين الوضعيين، ويعيّنهم مجلس الشورى بتوصية من رئيس السلطة القضائية، وتتبع للمجلس لجان مراقبة تشرف على تطبيق وتنفيذ صلاحياته. ويمتلك مجلس صيانة الدستور حق الاعتراض على الترشيحات في جميع أنحاء البلاد.