صدر حديثا عن مركز المخا للدِّراسات الاستراتيجية التقرير الاستراتيجي السنوي الأول (اليمن: 2021م- 2022م)، الذي تطرَّق للأوضاع اليمنية بمختلف أبعادها خلال الفترة الماضية.
وهدف التَّقرير الاستراتيجي لمركز المخا إلى رصد وقراءة وتحليل حالة الصِّراع والحرب الدَّائرة في اليمن، منذ أكثر مِن ثمان سنوات، ومساراتها وتحوُّلاتها السِّياسية والعسكرية، وانعكاساتها وآثارها المختلفة على المجالات الحياتية المختلفة، الاقتصادية والإعلامية والتَّعليمية والصِّحِّية والاجتماعية والنَّفسية، في سبيل تقديم صورة متكاملة عن الاتِّجاهات العامَّة للتُّطوُّرات المختلفة في المجالات المذكورة خلال العامين محلَّا الرَّصد والتَّحليل، معتمدًا على مصادر معلومات متعدِّدة، وذات كفاءة وجودة وموثوقية.
وتوزَّع التَّقرير على ثمانية أبواب، شملت كافَّة جوانب وملامح المشهد اليمني التي يمكن تناولها لاستعراض الأوضاع اليمنية في ظلِّ الصِّراع والحرب، خلال الفترة (2021م- 2022م).
وتناول الباب الأوَّل مِنها المشهد السِّياسي والعلاقات الخارجية، وذلك في فصلين. تطرَّق الفصل الأوَّل للمشهد السِّياسي اليمني عام 2021م، على مستوى السِّياسة الدَّاخلية، وعلى مستوى العلاقات الخارجية. فعلى مستوى السِّياسة الدَّاخلية تناول هذا المحور اتِّجاهات تحرُّك المشهد السِّياسي منذ 2014م، والتَّطوُّرات في المحافظات الجنوبية والشَّرقية، وكذلك في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، بالإضافة إلى المفاوضات التي جرت خلال تلك الفترة، وهي: مباحثات جنيف 2015م، ومباحثات الكويت 2016م، ومباحثات استكهولم 2018م.
كما عرَّج هذا المحور على اتِّجاهات التَّطوُّرات السِّياسية خلال عام 2021م، بما في ذلك تشكيل حكومة الكفاءات، وإعاقة "المجلس الانتقالي" لتنفيذ "اتِّفاق الرِّياض"، وتآكل شرعية "المجلس الانتقالي"، والاحتجاجات التي اندلعت في مناطق سيطرته، وجولات الاقتتال التي جرت بين تشكيلات " المجلس الانتقالي"، فضلًا عن تأسيس "المكتب السِّياسي" لـ"المقاومة الوطنية".
كما عرَّج المحور على التَّطوُّرات في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، وتكريسها السُّلطة، واضطهادها المخالفين. أمَّا على مستوى العلاقات الخارجية، فقد تناول التَّقرير أبعاد تلك العلاقات على الصَّعيد الإقليمي مع المملكة العربية السُّعودية، والإمارات العربية المتَّحدة، وسلطنة عُمان، وإيران؛ وعلى الصَّعيد الدُّولي مع الولايات المتَّحدة الأمريكية، والاتِّحاد الأوربِّي.
كما تطرَّق الفصل الثاني: المشهد السِّياسي اليمني- 2022م، على ذات المستوى: (السِّياسة الدَّاخلية، والعلاقات الخارجية). وعلى مستوى السِّياسة الدَّاخلية تناول مشاورات الرِّياض التي جرت في 2022م، وما تبعها مِن تشكيل مجلس القيادة الرِّئاسي، وأداء المجلس وما تبع ذلك. كما تعرَّض المحور إلى تطوُّرات المشهد في المحافظات الشَّرقية، والهدنة الإنسانية التي تذبذبت بين التَّجديد والتَّعثُّر، ومسألة الهجوم على موانئ تصدير النَّفط، وتصنيف الحوثيِّين جماعة "إرهابية".
وعلى مستوى العلاقات الخارجية، تناول الفصل الثَّاني تداعيات هجمات الحوثيين على العاصمة الإماراتية (أبو ظبي)، والتَّرحيب الدُّولي بتشكيل مجلس القيادة الرِّئاسي، والزِّيارات الخارجية التي قام بها رئيس المجلس وأعضاؤه، والجهود الدُّولية لتجديد الهدنة الإنسانية، والزِّيارات الأمريكية المتكرِّرة للمحافظات الشَّرقية.
وتناول الباب الثَّاني مِن التَّقرير الاستراتيجي المشهد العسكري والأمني في اليمن، وذلك في أربعة محاور. تحدَّث المحور الأوَّل عن أطراف الحرب وتشكيلاتها المسلَّحة، بما في ذلك قوَّات الحكومة المعترف بها دوليًّا، والقوَّات المنخرطة تحت مظلَّتها، كالجيش الوطني (الخاضع لقيادة وزارة الدِّفاع ورئاسة هيئة الأركان العامَّة)، وقوَّات محور صعدة السَّلفية، والقوَّات المستحدثة عام 2022م، والقوَّات المشتركة التي تضمُّ عدَّة تشكيلات. فضلًا عن ذلك تناول قوَّات المجلس الانتقالي الجنوبي، ومليشيات الحوثي، والتَّنظيمات الإرهابية.
أمَّا المحور الثَّاني فقد تطرَّق للقدرات العسكرية لأطراف الحرب، فيما رصد المحور الثَّالث التَّحوُّلات الدَّاخلية والخارجية للمشهد العسكري، ومستعرضًا آفاقه المستقبلية. في المحور الرَّابع جرى استعراض المعضلة الأمنية الدَّاخلية في ظلِّ بيئة الحرب المتغيِّرة، على جانبي الصِّراع، ومناطق نفوذ الحكومة الشَّرعية ومناطق نفوذ جماعة الحوثي. وقدَّم هذا المحور استشرافًا للآفاق المستقبلية للعملية الأمنية، وما تواجهه مِن تحدِّيَّات، وما تملكه مِن فرص.
وكان الباب الثَّالث مختصًّا بالمشهد الاقتصادي، وقد جاء في فصلين: الأوَّل وتناول المشهد الاقتصادي اليمني لعام 2021م، والثَّاني وتناول المشهد الاقتصادي اليمني لعام 2022م. وتوزَّع الفصل الأوَّل على عدَّة محاور، هي: التَّطوُّرات الاقتصادية الكلِّية في اليمن، خلال الفترة (2015م- 2020م)، بما في ذلك النُّمو الاقتصادي والخسائر المتراكمة، وتصاعد معدَّلات البطالة والفقر، وتعاظم الاختلالات المالية، والسُّلطات المالية المنقسمة، والموارد المالية المهدورة، والعجز المالي المتواصل، والانفلات النَّقدي المتمثِّل في: الانقسام المؤسَّسي والتَّشتُّت النَّقدي، وتدهور قيمة العملة المحلِّية، وتصاعد التَّضخُّم.
كما تناول -أيضًا- أداء القطاع الخارجي، وتحويلات المغتربين. ثمَّ استعرض المحور الأوضاع الاقتصادية لعام 2021م، بما في ذلك التَّطوُّرات الاقتصادية على المستوى الوطني، سواء في مناطق السُّلطة الشَّرعية والمحافظات الجنوبية، أو على صعيد مناطق سيطرة الحوثيِّين، وكذلك الحالة الإنسانية؛ وكذلك تطوُّر العلاقات الاقتصادية مع العالم الخارجي، سواء مع المنظَّمات الأممية والإنسانية، أو مع الدول الخليجية، أو مع إيران، أو مع الدُّول الغربية.
كما توزَّع الفصل الثَّاني على عدَّة محاور، مِن أهمِّها: النُّمو الاقتصادي ومساراته المستقبلية، وتطوُّرات المالية العامَّة، وأجور ومرتَّبات موظَّفي القطاع العام، ومسائل الدَّين العام، والتَّضخُّم، وأسعار الصَّرف، والانقسام النَّقدي والمالي، وميزان المدفوعات. وقد جاء الباب الثَّالث مدعَّمًا بالإحصاءات والرُّسوم البيانية.
اختصَّ الباب الرَّابع بالمشهد الإعلامي، وجاء في فصلين، الأوَّل تناول المشهد الإعلامي اليمني عام 2021م، بما في ذلك المشهد الإعلامي اليمني قبيل 2021م، وكذلك تأثير الحرب على البيئة الإعلامية، على صعيد الصَّحفيين والإعلاميين، ومؤسَّسات ووسائل الإعلام، والأوضاع الإعلامية في المحافظات الجنوبية، كما تطرَّق لواقع قطاع الإعلام خلال عام 2021م، مغطِّيًا الصُّحف المطبوعة، والقنوات الفضائية، والإذاعات، والمواقع الإخبارية، سواء تلك الخاضعة لسلطات جماعة الحوثي، أو التَّابعة لجماعة الحوثي، أو التَّابعة لـ"المجلس الانتقالي" الجنوبي، أو الخاضعة لسلطات الحكومة الشَّرعية.
كما تعرَّض الفصل الأوَّل إلى تفاعلات وسائل إعلام جماعة الحوثي، ووسائل إعلام الشَّرعية، مع الأحداث في عام 2021م كلٌّ على حدة. وفي ختام الفصل تطرَّق لواقع الإعلام الجديد في 2021م، مشيرًا إلى صنَّاع الرَّأي في تويتر، مِن جهة جماعة الحوثي وجهة الحكومة الشَّرعية، مستشرفًا مستقبل الحالة الإعلامية.
وتناول الفصل الثَّاني، مِن الباب الرَّابع، المشهد الإعلامي اليمني عام 2022م، بما في ذلك التَّناول الإعلامي لوسائل الإعلام التَّابعة لـ"الشَّرعية"، وتلك التَّابعة لجماعة الحوثي، للأحداث (المشاورات، التَّهدئة، القيادة الجديدة، تجديد الهدنة، وما بعد الهدنة)، إضافة إلى حالة الإعلام الجديد في 2022م، والحملات الإعلامية الرَّقمية المتبادلة بين أطراف الصِّراع. كما تطرَّق هذا الفصل إلى خريطة المشهد الإعلامي والصَّحفيِّين ووسائل الإعلام عام 2022م، مع خلاصة استشرافية في خاتمته.
وحظي الوضع التَّعليمي في اليمن باهتمام التَّقرير الإستراتيجي الذي أفرد له الباب الخامس، حيث عرض لخلفية عامَّة عنه، وأوضاع قطاع التَّعليم، وأهم مؤشِّرات التَّعليم في اليمن، مدعِّمًا ذلك بالبيانات والإحصائيَّات. كما تناول الباب تداعيات الحرب على قطاع التَّعليم.
الواقع الصِّحِّي في اليمن كان أيضًا حاضرًا في تقرير مركز المخا السَّنوي، إذ تطرَّق الباب السَّادس للمشهد الصِّحِّي، معطيًا خلفية عامَّة عن القطاع الصِّحِّي، وأوضاع القطاع الصِّحِّي، مع تقديم أهمِّ المؤشِّرات الصِّحِّية في اليمن، مِن خلال البيانات والإحصائيَّات. كما تطرَّق إلى نطاق الخدمات الصِّحِّية في الوقت الرَّاهن، والتَّمويل الخارجي المقدَّم لها. كما عرَّج الباب على وضع المياه والصَّرف الصِّحِّي في الجمهورية اليمنية، والصِّحَّة النَّفسية، وتداعيات الحرب على القطاع الصِّحي، مشيرًا إلى حالة الانهيار والتَّدهور التي يعاني مِنها منذ بدء الحرب عام 2015م.
وفي الباب السَّابع مِن التَّقرير جرى تناول المشهد النَّفسي والاجتماعي، بتقديم لمحة عامَّة عن الوضع الاجتماعي والنَّفسي للمجتمع اليمني، ثمَّ استعرض آثار الحرب على الحالة الاجتماعية للفترة (2015م- 2022م)، وخصوصًا على صعيد النِّساء والأطفال، وكذلك على الصِّحَّة البدنية. كما تناول المتغيِّرات الاجتماعية النَّاتجة عن الحرب، وأثر الحرب على السُّلوكيَّات الاجتماعية. وفي المحور الثَّاني تناول الباب آثار الحرب على الحالة النَّفسية للفترة (2015م- 2022م)، معطيًا لمحة عن الوضع النَّفسي في اليمن، وآثار الحرب على الوضع النَّفسي للنِّساء، وكذلك على الوضع النَّفسي للأطفال.
أما الباب الثَّامن فقد تطرَّق للمشهد الإنساني في اليمن، معطيًا لمحة عن الوضع الإنساني منذ عام 2015م، وعن الأوضاع الإنسانية مفتتح عام 2021م. كما استعرض الباب الانكماش الاقتصادي وأثره على معاناة المجتمع، وحالة حقوق الإنسان، وحريَّة الصَّحافة والإعلام، في الفترة التَّالية للحرب، مع إطلالة على الأوضاع الإنسانية في إطار مناطق السَّلطة "الشرعية"، وكذلك مناطق جماعة الحوثي، فضلًا عن الحرب على مأرب وتداعياتها على الأوضاع الإنسانية. كما عرَّج الباب على المنظَّمات الدَّولية وأوضاع حقوق الإنسان في اليمن خلال (2021م- 2022م).